عشق السوريات …
معظم أبناء العائلات البيروتية كانوا يتفاخرون بأن زوجاتهم من بنات الشام؛ فالشاميات هنّ أجمل نساء المشرق العربي، وأكثرهن دلعاً ورقة. والمشهور أن الشامية تُدرَّب في منزل أهلها على عزف العود والرقص وإعداد الطعام الشهي والحلويات اللذيذة، وعندما تُزفُّ إلى عريسها تكون بذلة الرقص، فضلاً عن العود، من جهاز العرس التقليدي. وعلى هذا المنوال، سار رؤساء الحكومات في لبنان، فتزوّج رياض الصلح فائزة نافع الجابري من حلب، وتزوج عبد الله اليافي هند المؤيد العظم من دمشق، وتزوج تقي الدين الصلح فدوى البرازي من حماة، وتزوج صائب سلام تميمة مردم بك من دمشق. وتبعه ابنه تمام سلام، فتزوج ريما الدندشي من سورية، وهكذا فعل سعد الحريري، حين تزوج لارا العظم. وعلى غرارهم، تزوج وليد جنبلاط نورا الشراباتي من دمشق، وهي ابنة وزير الدفاع السوري الأسبق أحمد الشراباتي، وتزوج بشير الجميل صولانج توتنجي التي تعود بأصولها القريبة إلى حلب. وكان شوكت شقير متزوجاً الدمشقية قمر وفائي، وصار ابنهما أيمن نائباً في البرلمان اللبناني، وكذلك تزوج فريد زين الدين من آل العظم، وعبد الرحيم دياب تزوج شفيقة (بك) العظم، ولهما نجلهما سليم دياب النائب السابق في البرلمان اللبناني. وتزوج محمد جميل بيهم الرائدة الدمشقية المعروفة نازك العابد. وفي المقابل، قلما تزوج أبناء الأعيان السوريين، خصوصاً الدماشقة، لبنانيات، فالشاميات أو الحلبيات يكفين. ومن القلائل الذين فعلوها يمكن أن نتذكّر الأمير حسن الأطرش الذي تزوج، بعد وفاة أسمهان، كاميليا جنبلاط، شقيقة كمال جنبلاط التي اغتالها الكتائبيون في 27/5/1976، أو مختار عبد القادر الجزائري الذي تزوج عادلة بيهم من بيروت. وعلى هذه الدرب، سار عبد المنعم الرفاعي رئيس الوزراء في الأردن الذي تزوج السورية نهلة القدسي، ولما انفصلا تزوجها محمد عبد الوهاب، ولحن لزوجها السابق قصيدة “نجوى” التي غناها بصوته.
عُشق السوريات كان يقابله كره السوريين في لبنان، وهذا أمر معروف لدى بعض الجماعات، مع أن الأب بولس نعمان أصله من آل الأصفر الدمشقيين، والبطريرك صفير من قرية الصفيرة في حوران، والرئيس إميل إدة مولود في دمشق، وأصل عائلته من إزرع في حوران، وغسان تويني أصله من عشيرة المساعيد في جبل الدروز. ثم إن الرئيس رشيد الصلح مولود في دمشق، وابن عمه عفيف كان نائباً ووزيراً في سورية، ومثله بهيج الخطيب من بلدة شحيم الذي صار رئيساً لحكومة المديرين السورية. والطريف أن محمد دعاس زعيتر كان نائباً في البرلمان السوري في سنة 1956، وصوّت إلى جانب الوحدة في سنة 1958، ثم صار نائباً عن الهرمل في لبنان سنة 1968، وهو والد النائب والوزير اللبناني غازي زعيتر.
عشق السوريات أمر جيد بالتأكيد، لكن السطو على قيودهم وأحوالهم الشخصية أمر نافر. ففي الآونة الأخيرة، تبارى كثيرون من “الصحافيين” في الكلام على أن عمر الشريف متحدر من زحلة، والحقيقة أن والده مولود في دمشق، لا في زحلة. وجعلوا فائزة أحمد من صيدا، وهي دمشقية (والدها أحمد بيكو ووالدتها من آل الرواس الدمشقيين – الصيداويين). واعتقدوا أن فريال كريم من البسطة، بينما اسمها الأصلي فيرا سمعان، وهي من دمشق، وشقيقة المطربة السورية لمعان. ولم يستعصِ على هؤلاء الكتبة إلا المسيح وتلاميذه الفلسطينيون، علاوة على بولس الرسول السوري، ومار مارون السوري أيضاً.
لا بأس بهذا السطو، فليس المهم الأصول، لأننا جميعاً شعب واحد حقاً.
بقلم صقر بو فخر